هذا الصباح بدات في قراءة كتاب للزعيم نيلسون مانديلا "محادثات مع نفسي " conversations avec moi meme
كما توقعت بمجرد ما وقعت عيناي على الكتاب واقتنيته فان الرجل رجل غير عادي . اول شيء لفت انتباهي ان مقدمه هو الرئيس الامريكي باراك أوباما الذي قدم شهادة ملفتة للانتباه تستحق ان يتوقف عنها الانسان وسارع اليها
اول ما إثارتي بقوة هو ان الرجل أجاب عن سؤال كبير كان يؤرقني حين كتبت روايتي "نائحات السلطان " وكنت أنهيتها منذ سنة واعتبرتها سيرة موضوعية ، وقدمتها على الشكل التالي :
كل احداث هذه الرواية حقيقية وكل التقاء او تشابه مع احداث او شخصيات واقعية هو التقاء عرضي لانها لا ترتبط بوقائع فردية بل تجربة جيل كامل .
علقت هذا التعليق لأنني بالقدر الذي كنت استحضر عددا من مسارات حياتي على اعتبار ان هذا الاستعراض هو الذي سيمكنني من ان ألج الى كوامن الشخصيات واتقمصها وهو امر ضروري في الكتابة الروائية الا ان السيرة الذاتية كأسلوب روائي تطرح كثيرا من الحرج ، حرج مرتبط بالذاكرة الانتقائية التي تجعل التعامل مع التاريخ تعاملا تغلب فيه النوسطالجيا من جهة ، ومن جهة ثانية يجر الى نوع من الادعاء والتمجيد ، لذلك حاولت قدر الامكان محو عددا من معالم بعض الاحداث والشخصيات كي تصبح نماذج لجيل كامل فضلا عن " خلق " شخصيات سواء من حيث التسمية او المسار . الا انها تجسد مسارات وحقائق موضوعية في التاريخ السياسي والاجتماعي للمرحلة التي تندرج فيها الرواية
ازددت اقتناعا بهذا التوجه واطمأننت له حين وجدت مانديلا يبدأ مذكراته بإشارة رفيعة في هذا الجانب حيث يقول بالحرف :
" أنا ملزم باحترام قسمنا : ان لا نقول مهما تكن الظروف قول السوء او ان نتحدث بسلبيات الاخرين ...المشكل ان غالبية الشخصيات البارزة تقع تحت طائلة الغرور . خلال مسار حياتهم يأتي عليهم لحظة ينساقون فيها مع انانيتهم فيتحدثون بغرور عن نجاحهم الاستثنائي . يوجد شكل من الانتشاء الخفي والهادئ بالرضى عن الذات : يسمى هذا بالسيرة الذاتية حيث يركز الكاتب على سلبيات الاخرين كي يبين كم تحتاج نجاحاته للتنويه والإشادة . اشك انني سأعكف يوما على وصف مسار حياتي . انني لم انجز شيئا يستحق ان اتباهى به وليست لدى الموهبة للانطلاق في هذا الاتجاه