عودة مانديلا الى مسقط راسه ولقاء امه بعد ثلاثة عشرة سنة في جوهانزبورك
.. وجودي الى جوار أمي في بيتنا ملاني بإحساس طفولي مثير مختلط بشعور بالذنب لان أمي كانت تعيش وحيدة بعيدة ب 22 ميلا عن اقرب طبيب .بينما كنت أنا وأخواتي كل منا يعيش لحاله
وعلى الرغم من جهد أبنائها كي يجعلوها بمنأى عن ضيق ذات اليد من الناحية المالية فإنها كانت تفضل ان تعيش حياة متقشفة وتدخر ما تأخذه من هذا كي تعطيه للآخر المحتاج .حاولت مرات متعددة ان أقنعها بالقدوم للعيش معي في جوهانسبورغ ولكن مغادرتها لمسقط راسها معناه سحق قلبها . تضاءلت مرات متعددة اذا كان الكفاح الذي نخوضه من اجل الاخرين يبرر ان نفرط في الاهتمام باسرنا الخاصة . هل هناك ما هو اكثر اهمية من الاهتمام من ام تقترب من ستين سنة وان تبني لها المنزل الذي ظلت تحلم به وتوفير التغذية الحسنة لها والملابس الجميلة وكل الحب الذي تملكه ؟ الا تعطي هذه الحالة عذرا في ان يتهرب الانسان من مسؤولياته؟
من الصعب ان تعيش بسهولة مع ضمير يطرح عليك مثل هذه الأسئلة من حين لآخر .في كثير من الاحيان أتوصل الى إقناع نفسي بأنني اجتهد وسعي من اجل انه أوفر لامي ما يمكن من حياة هنية . وحين لا يتركني ضميري في سلام مع نفسي فانني اعترف ان انخراطي التام في قضية العمل على تحرير شعبي توفر لي فرحا حقيقيا . يتصاعد هذا الفرح اكثر بسبب ان والدتي حتى الى اخر رسالة بعثتها لي قبل موتها كانت تساند اقتناعاتي وتشجعني من اجل النضال والتضحية في سبيلها "
مانديلا ، محادثات مع نفسي ص 69