الوعي الشقي وتبعية المستضعفين للمستكبرين
من تجليات الوعي الشقي تبعية المستضعفين للمستكبرين وهي تبعية مذمومة في القران الكريم تجعل للمستضعفين نفس مصير المستكبرين كما في سورة غافر :
وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ
قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ "
فوضعية الاستضعاف ليس امتيازا وهي لا تسقط عن المستضعف المسؤولية عن وضعيته بل هي جريمة لا تقل عن جريمة الاستكبار لانها تخل من المستضعف عن ادميته وكرامته وعدم ممارسة منه لحريته . ذلك ان الطغاة والمستبدين والنافذين اذا كان بامكانهم ان يكون لهم سلطان على الجسد او يضيقوا على الناس في ارزاقهم ويتحكموا في حركتهم فليس بإمكانهم ان يتحكموا في ارواحهم وارادتهم التي هي مناط التكليف ومحل الاختيار.
المسالة في نهاية المطاف تتعلق بالتفاعل الإنساني مع الثروة والسلطة والوضع الاجتماعي ، إذ قد يكون كل ذلك ذريعة الاستبداد والانزلاق في مهاوي الطغيان والاشرة كما يكون ذلك سلما للارتقاء في سلم الانسانية والرشد
وهكذا نجد في السيرة النبوية النموذجين معا : بلال العبد الحبشي الذي سيطر سيده أمية بن خلف على جسده وصار يعذبه في بطحاء مكة وهجيرتها الشديدة ويضع الصخرة العظيمة على صدره ، كما نجد في الصف المقابل وحشي بن حرب الحبشي أيضاً الذي أهدى له سيده حريته مقابل قتل حمزة عم رسول الله ففعل ذلك خدمة لمن كان يستعبده اي لمن كان قد ملك جسده وروحه معا
وفي التاريخ نماذج كثيرة تصدق ظاهرة " القفص الذهبي " حيث ان هناك طيورا تموت كمدا اذا سلبت حريتها ولو كان القفص ذهبيا ، كما ان هناك طيورا تحن الى قفصها وترجع اليه ولو اعطيتها حريتها
وهو ما يفسر خروج اعداد كبيرة من العبيد في امريكا يتظاهرون ضد الحرية وعودة كثير منهم الى " أقفاصهم الذهبية "
هل نعجب بعذ ذلك اليوم ونحن نجد قوما يدافعون عن المستعمر القديم او المستعمر الجديد ولا يتصور امكانية فك الارتباط عنه ؟ هل نعجب اليوم اذا رأينا جيوشا من "البلطجية " و" الشبيحة " يقومون بالتنكيل بالثوار لفائدة طغاة مستكبرين وينكلون باخوان لهم يشتركون معهم في الفقر والقهر والتهميش .
لذلك يعتبر الاشتغال في ساحة الوعي المستلب او الوعي المقلوب من اجل استعادته او جعله جعله يمشي منتصبا على رجلين وبشكل يفتح عيني صاحبه واضح الرؤية مدركا للصورة في كليتها احد المداخل الكبرى للنضال ، فان اخطر شيء على الاصلاح ليس هم اصحاب المواقع والمنافع والامتيازات الكبيرة ، فمن الواضح انه لا مصلحة لهؤلاء في الاصلاح ، ومن البدهي ان يقاوموه ، ولكن الخطر الاكبر ان يكون ضحايا الفساد والاستبداد هم الذين يتصدون بعنف للاصلاح واهله ويروجون لاطروحة المستبد ويجعلون ايديولوجيته ايديولوجية يستميتون في الترويج لها ، وما ذلك الا بسبب الوعي الشقي
واذا امعنا النظر في واقعنا العربي والمغربي امكن بوضوح ان نفهم كثيرا ما يجري