شهدت السنتان الماضيتان بعض الانفلاتات والتحرشات ببعض السياسيين والتجمعات السياسية المتنامية
في هذا الصدد نستحضر عددا من محاولات الاعتداء على ملتقيات وتجمعات سياسية لحزب العدالة والتنمية وبعضها كان من تأطير حزب الأمين العام للحزب نفسه كما في مدينة الحاجب ومولاي يعقوب وغيرهما
بعض هذه المحاولات كانت تستغل مطالب بعض فئات المعطلين وتركب عليها كما حدث عندما صادف ان كان الأمين العام للحزب رئيس الحكومة وجوده في شارع محمد الخامس لقضاء بعض أغراضه الشخصية .
وفي نفس الشارع خلال احتفالات فاتح ماي من السنة الماضية تعرض الاستاذ عبد الله بها النائب وزير الدولة والنائب الاول للامين العام لمحاولة اعتداء من بعض المحسوبين على الأطر المعطلة .
الامور لم تقف عند بعض تجمعات العدالة والتنمية ورئيس الحكومة ووزير الدولة بل تابعنا مؤخراً اعتداء لفظيا كاد ان يتحول الى اعتداء بدني على السيد وزير الصحة داخل قبة البرلمان ، وهو في حقيقته اعتداء مضاعف اي على مؤسسة تنفيذية اي الحكومة من خلال الاعتداء على احد وزرائها خلال القيام بمهامه داخلها ثم اعتداء على مؤسسة تشريعية وانتهاكا لحرمتها خلال أدائها لمهامها التشريعية
في الآونة الاخيرة ايضا تعرض الاستاذ المقرئ ابو زيد عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية والنائب البرلماني عن دائرة الجديدة الى حملة إرهابية استهدفت سلامته الجسدية لم تستثن افراد اسرته
وأول امس تناقلت الأنباء خبر الاعتداء على السيد نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ووزير السكنى والتعميروسياسة المدينة اثناء توجهه الى تأطير تجمع حزبي بمدينة اسا حيث تعرض لقذف بالحجارة تربت عليه جروح تبين انها طفيفة فيما بعد
مظاهر العنف هذه التي أخذت تطل بقرونها على المغرب والتي لم تكن في السابق سوى طريقة للتعبير من بعض المجموعات العدمية المتطرفة في الجامعة تطرح اكثر من تساؤل ، وتدفع الاحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمدنية ووسائل الاعلام المكتوبة والمرئية والالكترونية ان تسائل نفسها من جهة عن مسؤوليتها في الحفاظ على الطابع الحضاري والسلمي في الاحتجاج والدفاع عن المطالب ، وتبعث نذير شؤم في هذا الاطار
وهي من جهة ثانية ينبغي تدفعها كي تسائل نفسها حول طبيعة الخطاب الحدي العدائي والعنيف تجاه المخالفين السياسيين وعلى الخصوص تجاه المسؤولين الحكوميين الذين قبل ان يكون خصوما سياسيين هم بحكم مسؤولياتهم الحكومية رجال دولة يشتغلون لفائدتها ولفائدة المواطنين ، وان السكوت على تلك الاعتداءات او تبذيرها باي شكل من الأشكال هو تبرير واستباحة للعنف السياسي كعملة نجا الله منها بلادنا في المجمل ، وان من بررها اليوم قد يكتوي بنارها غذا ، علما ان تقييم اداء المسؤولين الحكوميين لا ينبغي ان يكون الا بوسائل حضارية سواء من خلال النقاش العمومي المسؤول او من خلال المحاسبة والمعاقبة لأدائهم من خلال صناديق الاقتراع
فهل هي قرون العنف السياسي تطل على المغرب ام انها تبقى تعبيرات محدودة ؟
نتمنى ان تكون الفرضية الثانية هي الأصوب ، لكن مهما يكن فانه غذا من اللازم اليوم ان نطرح قضية المسؤولية المعنوية عن هذه التعبيرات العنيفة في خطاب السياسيين والإعلاميين ، هذا اذا سلمنا ان بعض هذه التجاوزات والانزلاقات هي انزلاقات تلقائية وعفوية ولم تكن مبيتة ومخدومة كما يوحي بذلك بعضها . فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها